تاجر الأوهام (5): فرعون الألف ليلة وليلة


5db6c0c5227c8563d56deaa006847e1f

  • لكن اعذرني، لما أسألك … لما على كل هذه القصص التي قصصتها عليْ أن تكون محزنة ومؤلمة، أين هي السعادة؟ أين هي تلك الشخصيات التي أسمع عنها…أولئك العاديون الذين يخوضون أيامهم في حب مع بعضٍ من التعب، أين؟
  • السعادة عندي شيء نسبي يا سيدي الكاتب، من قالك إن أشرف البوعا لم يكن سعيداً لما فجّر حسنَ المدام وألقى بها للقمامة هي والزيكو؟ من أخبرك أن الصايع لم يكن سعيداً عندما مات شهيداً غير مدعي كبقية المدعيين في هذه الحياة؟ ها ها ها ممكن يحصل من يديرله ذكرى سنوية… تشد معاه علاش لا؟ يسموا عليه نادي ثقافي أو جائزة ثقافية أو حتى شارع ها ها ها…اونه الناس توا في شارع الصايع الكبير بوه بدوا يربطوا اسم الشارع اللي في ثقافة اللسان الليبية باسمه، هنا كان يقطن كمال الصايع…. وهنا في الزقاق المقابل كان حانوت الشيخ بلال الذي لا أشك في سعادته وهو يستل الحياة من أعناق الأضاحي، كما أنّني لم أكمل لك ما حدث للأمريكي قبل أن يموت متعفناً في الحاوية…بعض السعادة ستراها في بعض لحظاته الأخيرة ها ها ها. لكن رسمي، خيرهم كلهم هكي؟ ها ها ها … باهي اسمع القصة هي:

استيقظ، انكسر صباح آخر ها؟ الأمر جيد جداً… بحث عن ساعته، آه أين هي اللعنة؟ كان مع تلك السيدة الجميلة، تلك الأسطورة التي لطالما سمع الهمسات عنها… داعبت بيدها قضيبه، كان يرتدي سرواله المفضل، أخضرٌ به زرقة وملمس قطنِي ناعم كانت قد أطلقت غريزتها لإيقاظ الوحش داخل السروال، انبثقت شهوته الرجولية تريد أن تقبل فمها لكنها ردت عليه بعضة في شفته السفلى نزف القليل من الدمِ منها، كان يهوى العنف الجنسي الذي أبدته منذ البداية، منذ أن قبضت على قضيبه تحت السروال بقوة تريد أن تخنقه، رأى أنه يمزق ملابسها تمزيقاً، تضحك وتصيح متأوهة: ملابسي! يقول وهو ينخر كالثور: سأشتري لكِ مئات مثلها. كان قد مدد جسدها على أرضِ مدخلِ البيت، انقلبت عليه بسرعة لم تدع له فرصة التحكم، أحس بملمس السجاد التبريزي الذي ابتاعه من إيران خصيصاً ليفرش به الممر الضيق، وقعت عيناه في لحظة على صورة لفتاة زنجية بظة كانت عبارة عن رسم كارتونِي لفتاة زنجية عارية، جالسة ممدة مؤخرتها للخلف أكثر، نهدها بارز تعلوه حبتا الحلمتيْن، اللون الأسود فاضح في اللوحة المسلط عليها ضوء أصفر غازٍ في ظلمة الجدار مساحة اللوحة فقط، شدّت قضيبه بقوة كانت تخنقه، أعادته لوعي اللحظة… داعبته، أدخلته تعض شفتها السفلى، كان انحناء جسدها المقوّس يلهبه… مضت تتحرك ببطء، تتحكم بقياده إلى الأمام والخلف منافسةً للوحة الزنجية، كانت زاوية قعودها على فخذيْه كتلك التي يصنعها ترسين عندما يكادان أن يتلامسا، يضع يديه على خصرها ويحرك جسده عالياً ليلتقم العنبتيْن بفمه، تعيده بقوة للأرض، تضع يديها على يديه وتنزلهما للأسفل…واضعةً إياهما على الوركين النافذين في التكور، يغوص شيطانه في تذوق اللحم القدسيْ…تختلط عليه الفتاتيْن، يحاول أن يصعد مجدداً للحلمتين الورديتين…السمراويْن…البنيتيْن؟ لما يعد يتذكر، كانت تجمع كل النساء التي ضاجعهنّ فيها وترفسهم… جسدها كالغزال، حلوة بالطبيعة وذات فخذيْن عندما يلتفا بفخذيك تشعل رغبة قاتلة في الموت، كأنها اعتصرت تاريخ الأرض فيها، فاكهة محرمة لمسها واشتهاها وقبلها وتذوق أنفاسها…قبلته وأدمته وأدماها، أعطته ما كان يشتهي ويرغب طيلة السنين التي تعرف فيها على أجساد النساء، لم يكن يعلم أن بريّةً وبدويةً من أرضِ كهذه يمكنها أن تفعل ما تفعله هذه الداهية،  إنه عليه إذا اشتهاها أن يقدم قرباناً لترضى عنه وترضاه، قدم القربان…وقبلته، وهزت كيانه ” يمكنني أن أموت بسلام الآن”  تقعقعت الكلمات في أنفاسه، لابد أنه نسيَ الساعة عندها… فلتكن هذه آخر ليلة لي بهذه الأرض، الليلة الواحدة بعد ألفِ ليلة من الأبهة والحياة الرائعة، فلتكن…حدث نفسه مستيقظاً بكسل، مدينة كبيرة، أضواء لامعة، أفخاذٌ من كل أرض، وخمر الأرض يسقاه من الحواني الرخيصة والفنادق الفارهة، ماهذا الذي يريده نجيب ناجي أكثر من عشرين يوما من الأطعمة الأوروبية والآسيوية، ينزلق السوشي في لسانه تطعمه يابانية تعلمه طريقة الأكل اليابانية ثم تقبل شفتيْه، تطعمه فتاة من الغرب الأمريكي كعكة تفاح، بين السبت والإربعاء يكون بين البلديْن وبين بلادٍ أخرى إن شاء، يتجرع الساكي ويدخن القنب الهندي من أيدٍ أفغانية، يرقص السامبا وتراقصه شرقية مصرية من بنات بلده في شقق القاهرة.

لقد أمضى بالأمس ألف ليلة وليلة قبل أن يختار هذا الطريق، قبل أن يجد من يدله عليها، كانت أمه تحكي له في كل ليلة قصة واحدة فقط…تأتيه في الحلم، ثم تهدئ من روعه ” كان ياماكان يا حبيبي فرعون صغير…كان بيحب يلعب وبيحب الحياة وكان بيحب أمو وأبوه الفرعون فرعون مصر اللي كان بيعامل الشعب بطيبة وبيحب الناس والناس زيو بتحبو، فرعوني الصغيّر كان بيحلم بكرسي أبوه، كان كرسي ذهبي مرصع بالألماس، بالكرسي صورة لقطط بأجساد بني آدمين كانوا اثنين على الشِمال واثنين على اليمين كأنهم كانوا بيحموا كائن سماوي، قلائدهم من ذهب وكل شيء في المكان من ذهب، لكنّو…الفرعون كانت بتراودوا أحلام، مرة يشوف خنفساء بدأت تخرج من إصبعه وهو جالس على الكرسي، خنافس في كل مكان سوداء وكبيرة تخرج وهو يئن فزعا من جيش الحشرات التي جاءت لتغطي كرسيه الجميل، اهو هو ده فرعون جالس وملك على الأرض بس الخنافس تملأ قصره…الحراس، الناس والذهب والألماس”.

 

  • ماتخافش يا دكتور نجيب، الأمور طيبة يا باشا. حدثه التاجر في آخرِ يومٍ قبل أول ليلة، نظر إلى صديقه الضخم…مدّ له ” البافرة”، كان الحشيش يظهر رغم تخليطه بالدخان أخضراً، لطالما كان الأخضر لون مثير للاهتمام بالنسبة له. اوه يا دكتور أنت معلم فوق شغل بافرات ها ها ها…بافرتك هذه حاجة ثانية، مش عادية….شي خيالي ها ها ها. أنا نقولك إنّ الأمور طيبة…اسأل أشرف، آه يا بوعا مش الأمور طيبة؟! اهو الرجل الضخم الذي أمامك عايش حياته… ماتخافش البزنس هذا مدروس ومخدوم صح منذ البداية، مش الخمر والهمج اللي تسمع بيهم…كل شيء ما يندارش بمجرد الصدفة والحظ، حني اللي نخططوا…وحني اللي نطلعوا الشي القوي اللي تسمع بيه في الأفلام، التريس اللي حتتعرف عليهم جوهم جو ثاني…الزباين والعالم كله، حياة ثانية… حتكون آخرلك ليلة تودع فيها حياة الدكتور المصري العادي الي يسترزق من المصحات الخاصة واللي مش قادر يرجع بلده لأنه ضيّع سنين قُحب هني… واهو صاحبك الدكتور أشرف شاهد.

 

كان الرجل الضخم جالس في المقعد الأمامي، يسمع صامتاً وناظراً للمرآة غائباً في مسائل أخرى وأفكار أخرى، عندما يصمت…عندما ترى عيناه تحدقان في الفراغ ترى وحشاً يحدق فيك، قط حارس لأفكاره لا يريد من يطلع عليها إلا إذا أعلن عنها هو في صيحاته الفجائية، قبضته تتصلب وانتباهه للوسط المحيط به لا يقل لكنه يبدو كذلك، كان نجيب يعرف هذا الجسد جيداً… يعرف الفتى الذي اعتاد على تدخين الحشيش صحبته أيام كلية الطب البشري ومغامرات سنة ثالثة ورابعة، يعرف أشرف البوعا الدكتور بامتياز الذي قضى عشرين يوماً في غرفة وحيداً تخترق جسده الضخم الشظايا، ذلك الفتى الثائر على كل شيء…حتى على نفسه، كان يعرفه جيداً. يعرف ما قد يعني تصلبه هذا….أخذ سيجارة الحشيش، قبلها…وتنفسها وغاب.

 

 

  • يا حومة، زي ما قالك صاحبنا، نبيك تشد تجارة الحشيش…أنت اللي فاهم فيه، مانبيش واحد أي كلام لأن خدمتنا عالنظيف وعالكبير ضاربين، قداش تبي حصتك من 0 لـ50% هي ليك، ما تخافش…ما تحتاجش تشد زاوية في شارع زي باقي المزمل، معاي …You gonna make a lot of fucking money. كان يعلو صوته إلى تلك الدرجة التي اعتاد أن يغني بها شاعرٌ ما، يلفظ الحروف الانجليزية بحدة وبعلو…نبرة صوته تجعل من الحروف مغرقة في أزقة المدينة.
  • ماشي يا بوعا…ماشي. كانت تلوح في أفق ذكرياته السنين التي ضيعها مع هؤلاء البدو…عليه يوماً ما أن يخرج منهم مليئاً بالجاه والثروة.
  • حتتعبى يا فرعون ها ها ها.

كان لأشرف عادة صبيانية، يقفز عليك ضارباً ولاكماً علامة على المرح والفرح، بكل مافيه يجثم بضخامته، عادة أخرى تعلمها عنه نجيب، إنّ له صحبة هذا الرجل الخطير خمس سنوات حفظ فيها كل حركاته وسكناته، كان نجيب من ذلك النوع الذي يحافظ على عادة التركيز في عادات وشخصيات الذين حوله…حفظ نسيانه، حفظ حالة الوسواس القهري التي تغتال خلايا مخه، لقد جُنّ تماماً… قال عندما سمع بزواجه، جاءه في أحد الأيام وقال له: لقد تزوجت يا نجيب! ضحك وقهقه وغرق في السخرية ثم قال له: قلت لك! كان كأنه يستبق ما سيفعله هذا الضخم مجنون الحبوب، يعلم أن اللعب صحبته كاللعب صحبة النار، قد تؤدي عرضاً رائعاً نعم، لكن قد ينتهي بك الأمر أن تشتم رائحة احتراق شعر جسدكِ واحتراقك، عامان مضيا ونصف ربما…عامان تحوّل فيهما كل شيء.

” ولكن ما تخافش يا فرعون…أشرف اللي تعرفه تنيّك خلاص! تي المدام راكبة معاي في السيارة وذايقة منه وذايق منها الجو، الأمور طيبة يا حبي…اصبرلي أنا نعطيك كل اللي تبيه، والمدام والاه، والله حاجة خرافية تستحق تراجيها… متأكد مش حذوق زيها، لوح عليك خمر الكتيبة، تي نص ليبيا نايكينهم القحاب هذوكا، لكن المدام بضاعة غالية…غير رزرزلي شوية ومشي ما تبقى من الخدمة مع أشرف…ليك سنتين تخدم والجو مليح، مرة في روما….مرة في هولندا، مرة في السماء الثانية خير من أنك قاعد دكتور تعالج في الشكالات المقلبة ويالله تلحق تشري حوايج كل شهر، تي حتى الفلوس مافيهمش طعمة لما ما تحصلش كيف تصرفهم… املا تحساب الخدمة في مصر خير من هني؟ ها ها ها شاهدتك هذي لوحها ونقعها في النيل واشرب مياهها، مهما وصلت كدكتور مش حاطلع عشر من اللي اطلع فيه في اسبوع واحد تخدم فيه!”

استيقظ، مرهقاً من رحلة العودة، مستغرقاً في حلم لذيذ…رحلة عودة من ألذ ما قد يحدث، من مزارع أفغانستان لحضن جسد حياة المذهل.. لليلة مستغرقة في الشغف في القنّب المهرّب، التقم حبة اسبرين…كانت تفور ذائبةً في كوب مياه زجاجي به قد رُسِمت صورة لآبن أوى. كان يحب الأشياء الغريبة، لا يمتلك أي شيء هكذا…يبحث عن الغريب، يتعرف عليه ويذوب فيه، غرق في متابعة حبة الاسبرين الذائبة، حرك الكأس بيده حركة خفيفة…اهتز سطح الماء بين الجدران الزجاجية، تجرّع الخليط كاملاً.. ذاب في خذرٍ لذيذ، فتح الثلاجة…كان بالثلاجة زجاجتيْ ويسكي مرصوفتيْن جنباً إلى جنب في الباب تحت رف به أربعة عشر بيضة..واجهته بيضة مشققة، بجانب القنينتين مجموعة من علب سجائر تشسترفيلد اشتراها خصيصاً من رحلة أسبوع قضاه في سويسرا، كيس في الزاوية مفرغ من الهواء بعناية، محكم الإغلاق بسحاب نحاسِي يمر داخله…بالكيس رسمٌ للنبتة التي أغرم بها يمسك بها قرد، لطالما وجد القرود كائنات ذات اهتمام ما، حمل الكيس داخله ما يملأ كوب من القهوة الأمريكية من ثمرة القنّب الهندي التي كان يجري عليها اختبارات في مختبره، فتح السحابة… غرس أنفه في الفتحة واشتم الرائحة، غازلته…ابتسم، مضى يحضر سيجارة الصباح، دخل غرفة الاستجمام، كانت الغرفة مزودة بجدار عازل للصوت… بني اللون، بالجدار نافذة من الزجاج العازل مطلّة على المختبر الذي يسطع في عتمته ضوءٌ أزرق قاتم مسلط على حوض تنبت فيه الشجرة المعشوقة، بالحجرة المعزولة كنبة من الجلد الأخضر، بها خيط أصفر مرقط من جلدِ نمرٍ ما مات في أدغال أفريقيا ليجرّ إلى مصانع أوروبا ومن ثم في حاوية كغيره من الأشياء إلى الصحراء… منظومة موسيقية ومنظومة عرض أفلام مرصوفتيْن بجانب بعضهما على طاولة يحملها قرد…صورة لقرد يدخن سيجارةً معلقة وحيدةً في الغرفة، قردة في كل مكان… شغل الموسيقى، أشعل البافرة ومرت رعدة داخله عندما أصاب الساكسفون أذنيْه بعزف ينتشر داخل الحيطان العازلة… لا أحد يسمع ما تحكيه جدران الشقة رقم 2 بعمارة الصايع في حي التوت، لطالما اعتبرها إحدى أفضل الأماكن بالمدينة، بحي التوت الغريب… لا شيء أفضل من بيت تتقن تصميمه والالتجاء به من بلد كهذا…حياته كلها تتوقف أمام عتبة المنزل تنتظر منه الرجوع إليها وهو غير آبه، يحتمي بجدران العمارة من هؤلاء البدو ومربعاتهم ومكعباتهم، تمخر عباب عقلك ديجافو رهيبة عندما تلج بيت من بيوتهم، ولكن هاهو المصري…ابن الاسكندرية، الفرعون نجيب ناجي ملك الحشيش يتقن الاحتيال على الديجافو، يعالج زبائنه بأيٍ طبٍ يطلبونه، أحد الدكاترة الشخصيين لرجال العصابات المصابين أو المرضى …أولئك الذين لا يذهبون لأي شخص كان، بعضهم لا يتمكن حتى من السفر بسهولة…هاهو ناجي الفرعون المنجي يمارس هوايته ومهنته…هاهو نجيب مختلف على من هم حوله يعيش بسعادة!

 

 

” آه الفرعون يا سيدي الكاتب، اوه…. فلّة، شمعة منوّرة فوق تجهيز سجائر الحشيش، كان مدرّس ومعلّم أنا بروحي تعلمت منه هلبا حاجات، موهبة مولودة داخله هي هذه، كان يهتم بالتفاصيل الدقيقة للورقة… يعالجها عشرات المرات قبل أن يقوم بتدخينها جاهزة، يبحث في قطعِ الحشيش المفتتة عن قطعة كمكعب سكر الجمعية، فيحرقها ويفتتها من جديد… ينقّي بملقاط التبغ المريض وغير المرغوب به، يغسل يديْه بالديتول ومن ثم يجففهما لتعبئة الورقة، كانت لديه حقيبة بها عدّة الفرك نظيفة وتلمع، بالحقيبة قنينة صغيرة لتلميع العدّة، بها أيضاً حزام في ظهره يلتف حول مجموعة من الأوراق بحجم كفِ اليد صفراء خافت لونها، وبالحقيبة مقص وموسى صغير وعلبة صغيرة بها قطع الحشيش الصغيرة، بها أيضاً أبواق كارتونية ملفوفة بدقة وأوراق بافرة لا تراها في السوق… كان الرجل يحترم عمله ويتقنه، الرسول أوصى بذلك يا سيدي الكاتب: إذا عمل أحدكم عملاً فليتقنه، آه…املا كيف، يخّي كان عنده مجموعة من الملاقط مصفوفة أحجام وأغراض، قدّاحات لكل غرض..قدّاحة لحرق قطعة الحشيش الأفريقية، قدّاحة لإشعال البافرة، قدّاحة لصناعة الأبواق، قدّاحة ليوم ما تلقاش فيه قدّاحة، إنه حتى تطرف وجعل قدّاحة لكل نوع من هذه العشبة اللذيذة…قدّاحة للأفريقي، للعربي وللقنب الهندي…. هاهاهاها فهمتا كيف؟”

 

” عايزة اسميه نجيب، زي نجيب محفوظ بالزبط…عايزاه يكبر ويعمل حاجة كبيرة ويشوف لوشو بيحمل صفات الفراعنة، حيكون ملك في الحاجة اللي حيفلح فيها ممكن يكون حاجة زي رمسيس أو هامان أو موسى ربما…”

 

الحياة جميلة…ورود وزهور، تماثيل ولوحات يشتريها كتذكار من كل بلد، تمثال لقردة ثلاث كان قد وضعهم على بعد قدمٍ من الكنبة… تمر أصابع قدميه الحافية على بساط من جلدٍ نمرٍ مفروش، طاولة صغيرة من خشب سرو تتضح الأغصان متداخلة ومتقاطعة لتحمل اللوح الخشبي المطليْة حواشيه بالأبيض وبالوسط لوح زجاجي على سطحِ الطاولة يضع عليه منفضة السجائر…كان أحد القردة الفولاذية اللون يمسك بمنظار تتضحان عيناه في عيني المنظار، القرد الآخر كان يحمل قرن تيس إلى أذنه، الثالث يفتح فمه بحيث تقبل شفاهه الضخمة مايكروفون، تمثال أحبه وشده منذ البداية…. كان كما يحبه مخالفاً لما اعتاده، كانت القرود الثلاثة تخبرك أنها تسمع بوضوح….ترى بوضوح…وتتكلم بوضوح… ” كان ياماكان يا صحبِي، كان في مجموعة من العلماء… حبسوا ثلاث قرود وكان بيعطوهم كمية كبيرة من الموز ويشوفوا ردة فعل القردة أمام هذه الثروة الضخمة…كانوا يلعبون بالموز المتبقي بعد شبعهم، يرمونه في مرح على زجاج المختبر وتصيح القردة معبرة عن النشوة، ساعتئذ قرر العلماء أن يجروا الاختبار الثاني…قللوا من كمية الموز التي يضخونها للقردة، صارت القردة تأكل دون لعب، دون مرح… لكن كان يستطيع كل واحدٍ منهم أن يأكل بالتساوي، قرر العلماء أن يمدوهم بقطعة واحدة من الموز، كان القردة يرون موزة واحد فقط كل يوم تنزلق من الفتحة التي اعتادوا أن يجدوا فيها الموز، بدأت القردة تتعارك… تتقاتل من أجل حصة الموز اليومية، تغلب أحدها على الآخريْن وصار من حقه أن يتحصل على قطعة الموز يومياً دون أن يقوم أحدهما بمحاربته، القردة يا بنِي اعترفت بقدرة هذا الفرعون الجديد عليهم ولم يستطيعوا بعد محاولات فاشلة أن يقربوا فتحة الموز، مع الزمن….ازداد عدد القردة، القردة الجديدة اعتقد بعضها أنه يمكنه أن يتحصل على الموزة لكن كان الفرعون يحارب من أجل جائزته بشراسة، كان ضخماً ومتوحشاً وغريباً عن البقية… يخضعهم للسيطرة، يجلس في أعلى صخرة ينتظر دائماً أن تفتح الفتحة ملقيةً بقطعة الموز، تشاهده القردة ينزل دون أن تتحرك يمسك بجائزته ويصعد إلى أعلى بجائزته فوق الصخرة، كان إذا ما حاول قرد جديد أن يأخذ الجائزة التي أصبحت تعبر عن السيطرة من القرد الوحش يعود جريحاً وقد انغرست قبضة الفرعون في ظهره وأسنانه تمزق أذنيْه، في أحد الأيام اختفى القرد الفرعون…وكانت قطعة الموز لازالت تنزلق من الفتحة، لم يحاول أي من القردة أن يأخذها او أن يجلس على الصخرة حتى…كانوا يخشون من الفرعون المسيطر وقبضته المتوحشة الذي صار حارساً لجنة الموز….”. قصة لطالما حكاها للزبائن، مغرقاً في التحديق في أعينهم يبحث عن شيء ما داخلهم، قصّها على المدام بعد أن أطاحت بجسده.

نجيب ناجي، من أحفاد الفراعنة…27 سنة، خريج كلية الطب البشري، كان الابن الوحيد لطبيب مصري هو من أحد الأطباء الشخصيين للقائد الأعلى للقوات المسلحة، علق بالصحراء حتى امتصته إلى آخره حيث كانت تحمل على متنها الكثير من أبناء بلده: شغيلة وعمال ورعاة أغنام يراهم تحت الكوبريات بعدة عملهم ملبدين بالغبار… لم يكن يعير اهتماماً كبيراً لأبناء القرى من بقاع أم الدنيا كثيراً، بعد أن تخرج من الكلية توقفت به عجلة الزمن مع شهادة لا يعترف بها حتى والده المتوفى إذا قدمها له عائداً من بلاد الصحراء قبل وفاته، تربى منذ البداية على الترف إلا أن ذلك الترف وانقشاعه جعله يفكر مرتين في مسار حياته، أولى المرتيْن عندما أراد أن ينجو من الطوفان الذي أرّق الصحراء وأراق فيها الدماء والبؤس والرعب.. ” الولاد في الاسكندرية حيتعجبوا إذا قصصت عليهم اللي عايشتو هِنا.. عيال هايصة ومدلّعة وبتقضي كل ليلة في كابريه يا مدام حياة، وأنا الفرعون الوحيد اللي بيتعامل مع البدو قطّاع الطرق بذكاء غير عادي ومهارة وحنكة” كان يقص على الجسد الغزالي الذي يلعب بصدره، تسمى بفرعون ملك الحشيش، السيجارة التي ستتذوقها من بين يديه هي سيجارة العمر، يمسك قطعة الحشيش… مقرباً إياها من فتحتيْ الأنف، يشتمها… إذا لم تعجب أنفه فإنه يلقي بها، يحرقها إن أعجبت…. بإصبعيه السبابة والإبهام يسقطها مطحونة كأنما لم تتماسك يوماً، تصبح كحبات الملح، يفرغ ما يقابل المسحوق من التبغ ويسخن الخليط ثم يخلطه في ورقة A5ذات جودة بسمك ورقتيْن عاديتيْن من الجودة المتوسطة، وجه الورقة مقسم لوجهين متقابلين كفلكِ صيادي الحوت ينتهي في الطرفين بمثلث يرتفع لأعلى كي لا يسقط شيء من الخليط، يجهز الورقة بنفسه…لا يترك لشيء معد مسبقاً أن يحتل عملية تجهيزه لسيجارة الحشيش، يضع قطعة مخروطية من كارتون علب السجائر ممزقاً على شكل مستطيل يقوم بتسخينه وتحويله إلى قمّع صغير، يضع القمّع في منتصف ورقة البافرة ويلفها حتى تشكل هيئة بوق، يلعق أحد الجانبيْن المجهز مسبقاً بخيط من علكة تلتصق بالجانب الآخر من الورق بمجرد تبليلها باللعاب، يكون حذراً في التعامل مع لعابه، إذا لعق أكثر من ما يجب فإنه سيفسد الورقة…إذا لعق أقل من ما يجب فإن الورقة لن تلتصق أو تصيبها عيوب، يعبئ البوق بخليط التبغ الأصفر المحروق والحشيش الأخضر… يعاينها جيداً قبل أن يشعلها، ويظل يعاين الجمر المشتعل حتى تعتدل في سرعة ومقدار الاحتراق. رنّ هاتفه، كانت صورة أشرف تخرج من شاشة الهاتف ذي الخمس إنشات حاملاً البالطو الأبيض في مختبره بالصيدلية… أيقظه من فسحته، أخفض صوت الجاز الذي كان يراقص روحه، جاءته كلمات البوعا… الاستراحة يا دكتور، عليك أن تلم خذر عضلاتك وأن تلتقمك الاستراحة…ساعة ويراك أشرف… الاستراحة حيث صفقتك الضخمة الأولى، حيث الليالي الأولى من الألف ليلة وليلة….مرت في عقله حادثة ذلك اليوم.

 

 

الصباح، ترعرعت زهور الربيع الصفراء والبيضاء من سيقانها تنسج سجاداً للأرض، الجندب كان يقف شامخاً على أحدِ السيقان الخضراء يبحث عن حشرة يغويها اللون الأصفر ليقبض عليها بيديه اللتيْن تشبهان المقص، يغلف البساط الأصفر والأخضر المكان، بعض من أشجار اللوزْ تفضح زهرها المثلج، بعضها كانت تمص من عسلها نحلة، يتفجر رحيق عسليْ الملمس من أحدِ الجذوع، تسقط ورقة خضراء اعتباطياً ظناً منها أنه الخريف، تضرب بخفة مشط قدمه… تدغدغ الورقة المنزلقة على قدمه، بانت أصابع قدميْه تدغدغها الورقة، يراقب الجندب، لقد جاءت الفريسة، هاهي تقترب.. أحد أنواع الناموس الصغيرة، كانت تحلق قريباً من اللحم البشري الذي قد تنال فرصة امتصاص بعضاً منه إلا أنها كانت تحلق على ارتفاعٍ غير آمن، بسرعة اختطفها الكائن الأخضر، اهتزت الزهرة التي وقف عليها وتناثرت حبّات طلح في المكان كما ألقت الزهرة بحملٍ من ذراتِ الندى الذي علق بها ضيفاً الليلة الماضية، حدّق في الحيوان الأخضر وأعجبته قدرته على الاختباء والاقتناص…بدا، مفترس من نوعٍ خاص…إن كان بحجم أسدِ وتمكن من الاختفاء هكذا سيكون أكثر المفترسات إرهاباً ” الليلة ديّات حاحكيلك قصة ولا حتسمعها من حدِ غيري…كان الفرعون الصُغيّر بيتجول أمام الإهرامات، خوفو الكَبِير…الإهرامات ساعتها ماكنتش مُجرّد أثار بيجيها السوّاح من كل مكان وما كنتش حتشوف نفسك صاعد فوق الجَمَل في الصحراء حتى تاخذ صورة مع أبي الهول، لا دي الأهرامات كانت معبد الآلهة ومدافن الملوك العِظَام…جدود الفرعون كانوا كلهم هِنا، المدينة كانت مبنية بإتقان والصحراء دي كانت كلها خضار، وكان النيل بيلعبوا فيه عيال الشعب المصري نظيف كأنو من السما نازل، وكان الفرعون بيحب يعمل جولاته صحبة حرّاسه المرتدين الذهب والحرير وبيحب يشوف ملكو وملك أبوه، أشّر بعينيه على مكان جَنب خوفو وقال هِنا حبني قبر قد خوفو مرتين وحكون حبيب الآلهة وحقّ راع… دخل أحدِ القبور، كانت الخنفساء التي رآها في كرسي أبوه في كل مكان بالجدران، خشيَ منها…والجه شعور بالوله والدوران، المعبد مليء برائحة البخور وأدخنة مخدرّة جعل من جسده يتعرق، داخ…وراح غايب في عالم آخر…زي ما غبت أنت في النوم يا نجيب يا حبيبي”.

 

 

 

  • أنا مش عارف لما أصحى الصبح أبقى محشش والا لأه، كل حاجة صارت زي أي حاجة ثانية يا حبيبي يا بوعا. يخبره ثم يمد له ما تبقى من سيجارة الحشيش، يعتذر الرجل الضخم… يقبض على يديه، كان نجيب قد تعوّد أن يمسك السيجارة بين إصبعيْه السبابة والإبهام، الإصبعان في ظهر اليد بينهما جرح طولي ندباته بارزة تفضح أثر عملية جراحية ما… ليس هنالك أكثر من الجرح الذي تتلقاه أجسادنا فضيحة وعلامة على ما خلفه الزمن فينا، كان متمكناً من مفردات اللهجة الليبية لا كأي مصري آخر…تتحدث صحبته فلا تعرف فرعونيته المختبئة، لا يتحدث المصرية إلا مع أشرف البوعا ولم يتحدثها بعده إلا مع المدام حياة حتى كاد أن ينساها… ” ده بلد خرا يا أشرف، عمالين يضربوك بالقفا ويقولوك بالك مش عاجبك يا فولة؟ إيه مش عاجبني وتعرف علاش؟ لأنّ أمك قحبة تريد أن تقول لكنك تتجرعها كسم زعاف داخلك بذل وهوان، دعهم يعايرونني بشيء افتخر به، ما دمت تشغل دماغك صحبة البدو ستأكل من وراهم الألاف في أيام قليلة ها ها ها”
  • إيه بالطبع يا حومة… نيكلهم زكمهم كلهم ما ترحم حد always let your enemies closer so you can fuck’m up reeeeeeeeeal good ها ها ها ها. قال أشرف.
  • ها ها ها ها… لازلنا نفعل ذلك يا حومة.
  • تو يا حومة ناكلي راسي القوّاد اللي في الحاوية، كان ما يبيش يدفع؟
  • ما تخافش يا حبيبي…وحياة عيونك وحياة حياة ها ها ها ها. خوذ امسك بقى..

حدق فيه الوحش، اشتعل ثورةً…قفز عليه وأسقطه من كرسيه الهزاز، أمسك بخناقه ولكمه، جرح شفته السفلى، قبض عليه يكاد يقتله…أرخى فجأة في خضم ثورته الخناق وقال صارخا ومهدداً ” معاش تجيب سيرة المرا، حقك رصاصة يا مصري” ولفظ الأخيرة باحتقار، نهض والتقم حبة وكسرها بين أسنانه… نهض هو أيضاً، نظف ملابسه…نظر إلى الجندب، اختفت الحشرة مجدداً، بصق بعضاً من الدم ومسح شفتيه الملوثتين بالدم والتراب….مرت بباله ذكرى البصاق على الورقة داخل الهامبورغا… سخر من عبورها…هدأ، كان دائماً ما يكظم غيظه…حاول تهدئة الوحش.

  • ماكناش نتضاربوا علي بنت زمان أيام الكلية يا بوعا…
  • مرتي مش أي بنت، التهم حبة من خليطه الخاص… هاهو سيختفي في ملهاته.
  • ما قلت شي عيب يا صاحبي.
  • ما صاحبي حد أنا… عايش من يومي بروحي يا فرعون. قلتها أكثر من مرة.
  • حسناً. وبحث عن سيجارة الحشيش المتوارية داخل العشب، عاينها…كانت في حالة سيئة، ألقى بها. نادى الوحش المتوجه إلى الحاوية القديمة تحت شجرة السرو:
  • حيدفع واليوم يا بوعا!

كانت الحاوية ترتع داخل القطعة الخضراء وحيدة تنسجم مع جذوع شجرة السرو العظيمة…محفور داخل الشجرة كهف صغير اعتاد صحبة القمامة والمياه العكرة التي تجري من أنبوب خرساني مزجت جدرانه بالسائل الأسود وأجساد الصراصير التي وجدت نفسها تسرع ناحية المجاري الجديدة، كانت الشجرة في السواد الذي يخالط جذوعها البنية تحجم عن الحياة في بعض جذوعها التي لم تعد تورق، تستمد الحاوية بذلك بظل قليل من ظلال الجذوع الميتة حيث تتمكن خيوط الشمس أن تمر داخل الثقوب بسقفها، بعيدة…رهيبة،SUN كتبت بزرقة وخط نبطي بريطاني في حمرة جدار الحاوية الحديدي…حمرة خذلها الزمان مما سمح للكلمة أن تظهر أكثر شدة تفضح بالقصص التي داخل الجسد الحديدي، كانت ربما تحمل البسكويت وقطع الحلوى والجبن عابرة البحر الأبيض المتوسط صحبة مئات مثلها إلى مضيق ميناء بالمدينة…ربما كانت تحمل قصص أناس حالف الحظ بعضهم بدخولها، لم يحالف البعض الآخر، فُتِح بابها…كان الظل الضخم حاملاً بندقيته مرتدياً قناعه مصنوعاً من هطول أشعة الشمس على جسد صاحبه يرسمه الرذاذ الكوني بطول المسافة بين الباب والحائط الذي يحجب عنه أشعة الشمس عند إغلاقه،  يسمح الغبار الممزوج بالفراغ للجسد أن يتكرر بمخملية ويرتسم طول تلك المسافة…صنعت زاوية الباب مثلثاً من الإضاءة الشمسية مسلطا داخل الصندوق الحديدي سيء الإضاءة وولج.

الجسد داخل الحاوية يرتعد، الجسد داخلها يبتعد عنه النوم يصحب صحبته راحةً وعقل يكاد يفقده أو فعل، الجسد داخل الحاوية وجهه قد تلبسه الذعر والمخاط والعرق والقهقري…اسود جفناه، تشققت شفتاه، كذاك جبهته، كذاك لم يبقى إلا علبة بسكويت وعلبة جبن وقطعة جبن في غي منتصف الجنون تحت العلب قد ذابت.

” ها ها ها سرد شعري جميل، لم لا تصبح شاعراً سيدي الكاتب؟ كن مثل المتنبي ها ها ها…لا ليس ذاك الذي قصصت لك عنه في ما قد حدث للصايع، أقصد ذاك صاحب السيف والرمح وما لا أدري من ما تبقى من أشياء قرأناها في المدرسة، لم أحبها يوماً…كنتُ دائماً ذلك الاختلاف الذي اجتمع الجميع على تشابهه، هل تعرف من هو صاحب ذاك الجسد الذي قد عبر نصف الجنون؟ دعني أرسم لك صورته بأسلوبي كما لازلت أحفظها… صاحب ذاك الجسد يا صديقي الكاتب هو ولد امدينة، وأحد من أولئك الناس الذين قد تم تنصيب برنامج خبيث في أدمغتهم…الأب هو المبرمج، ذاك الرجل الذي تفتح عينيك وتجده موجها ظهره ناحيتك منذ البداية…ذاك الذي تخلى عنك في قمة شهوته الجنسية، كلنا أبناء الصدفة يا حبي…بالصدفة صاحبنا شدت معاه بين ملايين الحيوانات المنوية، بالصدفة طاح تحت يد مبرمج منيّك…وصل المبرمج الخيوط، حط البرنامج في عقدين من الزمان، وضع كل شيء وتركه يواجه الحياة زيه زي غيره….البرنامج المصبوب جعل صاحبه يصل للحاوية…تعرف علاش؟ لأن صاحب الجسد انحط في بيئة مش ليه، البرنامج انحط في جسد مش ليه…ما يمشيش وما يقدهاش الطبيعة اللي حني فيها… احني وبالكاد قدرنا فما بالك بالمحترم، صاحب حلم الهجرة…الأمريكي صاحبنا ؟ ها ها ها ها”.

وجدهما، أشرف يكاد يخترق بمؤخرة بندقيته رأس الجسد المحطم، ضمته هيئته وشتائمه وتهديداته:

  • توا يا بوفتة بتدفع والا انيكلك حياتك، ياسر ضحكنا وضيفناك عندنا عشرين يوم…هيا قبل ما نضيعك.

كان منقضاً عليه في زاوية بالحاوية، ركله بمؤخرة البندقية ركلة خفيفة، بركان من الأفكار فاض… عشرون يوم ولم يدفع، عشرون الرجال باتت داخل غرفة العناية المركزة وكان الدفع مسبقا ولم يتلقوا عناية جيدة، هذا المخنث أسقيناه وأطعمناه، لبسناه من ملابس السابقين، جعلنا له مكان يتبرز ويتبول فيه، غطاء يقيه البرد وأكل حتى التخمة ووفرة من المياه لمن يدرك قيمة المياه، هذا المخنث…مع كل هذا يجد صعوبة في الدفع؟ فليحمد الله أنه وقع بين أيديهم.

  • النعمة هذي ما تحصلهاش عند غيرنا.

 لكمه، تحول الوجه الهزيل إلى كدمات ودماء ورماد الحاوية يحتضنه عند السقوط…ضربه، هشم ما تبقى له من عظام، كان فرعون يشاهد المسرحية، مسح ما تبقى من دمٍ بشفتيه…الوحش انقض، مرت حكمة في دماغه اخترعها ” الدوخة ليها أربعة أطوار فإما الطاووس، القرد، الخنزير أو وضع بوذا لكن أشرف يلازمه وضع الوحش دائماً وأبداً…بدوخة أو بدونها” أسرع ينقذ الجائزة من أيد الوحش، أخرجه بعد عناء من الصندوق الحديدي، قال له وهو يخرجه ” كان ما دفعش اليوم اقتله….غير خلينا نتفاهموا مع الراجل يا بوعا”.. أجلس الجسد المذعور، استلقى على حائط الحاوية بجانبه، أخرج بافرة من جيبه، كان دائماً ما يجهز واحدة للطوارئ…تعلم من التاجر أن لا يتحدث مع زبون له إلا والاثنين في مستوى واحد من الخذر، كان كلما يجلس بجانبه من أجل بزنس أو صفقة يريد منها أن تتحقق، أمنية يتمناها أو حلم حلم به أو خطة ألمت به، كان يجلس تحت سقف الهامبورغا…يُخرج التاجر من جيب جاكتته بافرة يعاينها ويشعلها، يدخن ويسلمها له ومن ثم يتحدث هو عن الفرعون الذي يراه…يرى أمه التي اعتادت أن تقرأ مغلفات الكتب كدودة لا تشبع، تقرأ له وهو ملم بالنوم دائماً قصة الفرعون الصغير…

  • أتعلم يا صديقي؟ بالأمس حلمت بأمي. يسلم للجسد الهزيل السيجارة الملغمة، يرفض منكمشاً على نفسه، حذرا وخائفاً من الجالس بجانبه. كان يعرف أنه سيفعل ذلك…
  • خوذ يا راجل ما تتحشمش، تحسابني واحد من أولئك اللي ينغروا بالمظاهر…خوذ راهو الخدمة هذي مش حتشوفها حتى في أمريكا، دخن مش حيضرك شي…أكيد اشتقت لنيكوتين جيد بعيداً عن النيكوتين الملقاة على الأرض من أعقاب السجائر، هذي فيها نيكوتين وتي اتش سي…يعني حتريحك وتهديك، تبي مياه؟ حاضر…اللي تبيه نجيبهولك، غير شد شد. – نهض يحدث الجسد الواقف خلف الباب: بعض من المياه لصديقنا الأمريكي يا أشرف- أمسكها بعد تردد…بعد خوف وشك وحيطة، راوده نصفه المجنون أن يمسكها لأنه لن يتلقى قذارة أكثر من ما تلقاه في هذه الحاوية لمدة عشرين يوماً، دخن منها وغاص الألم داخل الجسد في أعماق الاختفاء، لم يعد يشعر بجسده، بألمه…بأفكاره، انسحب منه كل شيء…سلمها وسلم معها مخيلته.
  • – تعرف إيه الاختلاف بيني وبينك يا صحبي؟! … آه ما تتعجبش ده أنا مصري، فوّالة زي ما تقولوا عندكو…بعرف احكي ليبي زيك بالزبط لأنّي تعلمت إنّي لازم ما أخفي نفسي عن الناس دول، دي ناس ما تحتاجش أوراق رسمية ومواثيق وعهود واختام وما إلى ذلك من ما قد تظنهم يحتاجونه، ما لك تبصلي كده ليه؟ مستغرب من مصري بيحكي كلام زي ده؟ آه، ما احنا كلنا اسطاوية وشغيلة…بتشوف مننا كتير تحت الكوبريهات، وفي عمارات الالتقاط المليوني، بتشوفنا بريحة الفول والطعمية حدّ التوم بيخليك تفرق بين المصري وغيرو مهما ارتدى او تشكل..عشان كده أنا مختلف عنك، أنا عرفت إزاي أغطي….إزاي استر، إزاي ألبس الحِجاب وما اكشوفوش إلا للي يعجبني أنا… تعلمت من البلد ده إن كل اللي تحتاجوا لسان وتصرفات زيهم بالزبط، خبي نفسك عنّهم…هذا شيء أنت ما فلحتش فيه، عشان كده أنت هنا مش في أمريكا مش باختيارك، وعشان كده أنا هنا مش في مصر ولا أمريكا بس باختياري…مستغرب إني بعرف عنك؟ أنا بعرف عنك اللي لازمني يا داوود يا أمريكي…والا كنت تعتقد إن وجودك هِنا في الحاوية دي محض صدفة، أبوك ما خلفكش بالصدفة في البلد ده، أنت هنا وفق خطط وإجراءات، تم اختيارك بالتحديد عشان تمضي معانا ليالي الأنس اللي مضتها، عشان تمضي بردو فاهم يا حبيبي؟
  • I learned that you speak English as well, and properly if I might say… Let me tell you that I dreamed of my mother, an Egyptian decent lady she was, she had that soft warm smile that could bring even the greatest men to their knees kneeled in front of her silk flowered dress. I know that all the sons of Eve think of their mothers the same way I do, men do what all men have to do… One day you wake on a certain thirst for a female, your mouth start to shiver, tumbling you should be, a thousand cries want to stretch out more than the first cry you endured as a newborn mistaken by the milk of life, motherhood and the beloved warm flesh of Eve…they say Eve is the first daughter of Adam, And I say Adam is the first son of Eve by the same act…they were from each other and to each other. As a piece of art broken into two pieces. When you grow up you start missing your mother…start looking for a warm breast to drink the milk of life from, my mother was a reader: she was eating all these books of the Egyptian greatest novelist Naguib Mahfouz, I… Naguib the second as she was saying was her own Naguib… I can say that she loved the man who wrote all of those stories, she wanted unconsciously to put him in a real life story of hers… I was born, she… with her ached but full sweet as a female’s breath voice, full subjected to smile and laughter her voice had that heavenly and narcotic affect, she could devour all of your fears and dark mysteries and make of them a fuzzy feeling creeps onto your heart, I dreamed of her I said… last night when I smoked 10 grams of Marijuana, as I did dream of her the six hundreds nights before, she was setting on a golden chair clothed with silk, she crowned as a queen of Egypt and her eyes looked fevered as they were lined with a Persian eyeliner, she wore a white dress with a bow of blocks colored with both blue and red that was sliding downward her nick, a necklace of a golden eye of an eagle she had, she put me sitting on her lap, crowned I was as a young pharaoh… statues of men with cat faces were guarding us, Gods and serpents were all over a wide and a big hall with no human around, she whispered to my ears, her lips tattooed my ears, she said to me as she was completing a story that never I heard the end of it  : The young pharaoh my son, he was the only survivor of a bloodshed massacre happened  due to a barbaric invasion that took Egypt by the hands of the Libo tribes, those tribes were living in a strange way of life in the west of Egypt, they slaughtered his father and mother right beneath his young dreaming eyes, he saw that same chair that his father, the king of Egypt sat on covered with blood of the Pharaoh and his dead body setting, he survived by a bit of luck, a miracle as you might say…
  • محض صدفة ما كانتش، نجى الفرعون الصغير… حكمه انعزال عن حياته طويل، أصبح يخفي أدقّ التفاصيل عنه عن حكامه الجدد، غير لسانه وحياته ولباسه.. أخذه القدر واعتنى به حتى عاد الفرعون يوماً ما وفي باله أن يأخذ كل ما أخذه ملك الليبو وقبائله منه، كرسيه الملطخ بأحلامه ودم أبيه…كانت تطارده تلك الرؤى بالكرسي في ثياب الفقراء والمعدومين، كان همه الوحيد هو العودة إلى القصر بثيابه ولسانه وحياته التي اعتادها صغيراً، أن يموت هؤلاء الليبو مقطوعي الرؤوس أمام كرسيه ملقناً لهم درساً.

كان الجسد الهزيل يحلم ويرسم الليبو في ثياب أولئك الذين عايشهم، لا يستطيع التقاط ما كانوا يرتدونه قبل ألاف من السنين، نازعته ثيابهم البدوية ملقاة على أجسادهم بلا اهتمام، وقعت الحشيشة في دماغه موقع خيالات لبنادق ترتديها سواعد كسواعد المقنع الضخم ذات غبار تحارب المكحلي أعينهم، فراعنة يتقمصون أردية العساكر الرسمية ملطخةً بدماء لأكباد وقلوب تغلغلت الرصاصات فيهم، كان نجيب ناجي الفرعون يرى جسده وهو قد تبدى كلون تربة سيناء، أحمر، حار وشديد في الشرقية…قلائد من ذهب تنتزع ليقلد الخرق بدلاً منها، روح مليئة بالحلم والقصص والسعادة تخترقها حراب ليبية من الوهم والتجارب والألم، اختلط الحابل بالنابل، رآهم يرغمونه على أن يتعلم لغتهم وعاداتهم وتقاليدهم… يتعلم طريقتهم في الشعور وما الذي يبدوه وما يخفوه، تعلم أنهم بهم بداوة تسهل عليه التعاملات المالية والتجارية، سهل لفرعون مصر الصغير أن يمتلأ من أيد قتلة عائلته الملكية ذهباً، تعلم الأمريكي أن الفرعون المحبوس داخل أروقة الحكام الجدد أن يترك الحلم ويرحل…تعلم فرعون أن عليه أن لا يهابهم، أن يخادعهم وأن ذاك الحلم الذي يرى فيه كرسيه الذهبي وحرس مصر القطط العظام خاذلين إياه تعلم أن ذاك الحلم يجب أن يحارب ليحققه، كشف كل منهما عن حجاب ما يحكي به الحلم، الأم قصت…الأم مخادعة، الأم لا تكمل الحكاية، تتوقف عند نقطة ولا تعود لإكمال الحكاية بل تقصها من جديد، صوتها يجعل خذراً ما يصاحبك إلى النوم قبل أن تنهي هي الحكاية، إنها تتحداك أن تبقى مدركة أنك لن تستطيع، إنها ستخضع حاجبيك على الإنسدال قبل أن تصل إلى منتصف القصة حتى، عليك عندها أن تحلم بالفرعون، في مرحلة ما من حياتك تترك لوحدك دون عناية منها…عليك عندها أن تكملها وحدك، أن ترى الفرعون إما يقاسي وينتهي بسهولة، إما يصعد المجد دون خضوع…أن تراه يتعثر ويجد الخسران، أو يتعثر ويقف مجاهداً البؤس…الفرعون إما هارباً أو مقاتلاً، الفرعون إما ماجداً أو مدركاً أنه من الغباوة واللامنطقية أن تجد لوجودك أو مجدك من معنى في أرض استعمرها البدو الليبو، ستحرق آلهتك وسيصلب أبطالك وسيذبحون أمك وأبيك وعبيدك سيستعبدونهم وسيذبحونك يوماً إذا ما اكتشفوك، إنهم دائماً ما بهم كبقية البدو منذ البداية غريزة زرعت داخلهم يعرفون بها الأجانب وأصحاب دمائهم ويتذكرون بها كذلك ما لك وما عليك، يوما ما ستعتقد فيه أنهم قد غفلوا عنك…سيذكروك ويهددوك ، يحرص البدوي أن يذكر الغريب أنه ليس إلا غريب وأنه بذلك أقل مرتبة سواء كان بدوياً من عصر الحداثة أو عصر الفراعنة، فتذكر يا أمريكي….تذكر أيها المصري!

 

” ها ها ها حلوة… تصفيقة حارة يا أديبنا يا عملاق يا عظيم، ها ها ها وحق ربي إلا أنت حاجة ثانية باهي؟! تي شن هذا يا راس، وربي إلا قوي…مهبول أنت؟! ها ها ها بالله عليك كيف درتها هي؟! ما خطرتش في بالي إن البافرة اللي ناكها نجيب ناجي المصري هذاكا قوية لهالدرجة، لا وشوف ترتيبك للقصة وفصلة صوت الأم مرة مرة علي فرعون صاحبنا وكيف تحكيله عالفرعون القديم، والقارئ يقول هو شن يدير؟! وخيره فاصل بالمصري…معاش فهمنا حاجة يا حبيبي، تلقاه الكلام كله ليه دلالات، متأكد إنه كل قارئ ليبي حيقرا القصة هي يتخيل نجيب ناجي زي ما تخيلته أنا…مصري وصنته فول ومخادع ومكّار وديما يبي يضحك عليك ها ها ها يا عندين دماغك، لشن تبي توصل بالله؟ حدثني يا رجل…دع الفرعون وقصته ينتظرا قليلاً، حدثني عنك أنت…دائماً ما تأتي وتجلس في هذا المكان تبحث عن قصص، تسمعني أقص عليك قصص الناس الذين أراهم والذين تعاملت معهم، تذهب وتكتب عنهم…أتذكر قصة ذلك الجندي حميد الذي قصصت لك عنه، أتذكر قصته؟ ذلك الفتى المنيوك من قبل الشيخ حمزة…هل تذكره؟! آه الجندي في جيش القايد الأخ الأكبر للجماهير الليبية، هذاك اللي قلتلك يا كاتبنا نبيك تكتبلي قصته باش نلخبطلي بنت، لقيتك ناشرها على الموقع وأنا بالصدفة نشوف في القصص متاع أشرف وبلال وكمال فرخ الصايع وصاحبنا الأمريكي، لقيتك ناشرها باسم انسان…طلعت يا مهبول تنشر في كل اللي نحكيلك عليهم ها ها ها ها مش قلتلك أنت قوي؟! ها ها ها اوك المهبول متاع الغزالة كانت أول قصة تجيني وتقول فيها: نبي قصة! نبيها تكون قوية ونقدر نتعامل معاها ونربح بيها الجايزة، تمام…وباقي القصص يا حضرة الكاتب؟ ها ها ها حدثني قليلاً عن قصتك الحقيقية، تحدث أنت هذه المرة، دعهم يسمعوا ما فعله الكاتب بالقصص التي حكيتها له، تكلّم! – كان يكاد يختنق من الضحك، وجدته ينظر لي بعينيه الصفراويْن، لحيته تنبت تحت ذقنه كالجدي…أسنانه، سن ذهبية براقة ودخان سيجارة يعطي مع إضاءة الهامبورغا رمزاً لغموضٍ ما-.

ألف ليلة وليلة عاشها فرعون في أكثر ما يجده إنسان ما من سعادة في حياته، مال وفير…عمل ممتع تحفه المخاطر والغرائب كما اشتهى ليستمتع به، يمارس عمله فيه كطبيب للعقول والأعضاء البشرية، يعمل كمخذر لأبناء الطبقة الغنية الذين يصحبونه داخل حفلاتهم السرية، تعرف على فتيات ليبيات لا يرى أمثالهن في الشوارع والكلية، تمتلئ الحفلات بالفرح والمرح، بالخمر والجنس والحشيش…بجميلات مشاريع مضاجعة، قطع في الأرض كالجنان داخل صحراء جدباء، نجيب فرعون الحشيش كان معبوداً من قبلهم، لا يأرق من السفر، لا يأرق من منزله، لا يأرق إلا قليلا من عمله، حياة انسان ناجح بغض النظر عن الطريقة، كان إذا ما أراد أن يشتهي لحم فتاة من بلد ما يسافر لذاك البلد ويتذوق لحوماً كثيرة، كان إذا أراد أن يمارس قدرته على الإقناع والإغواء أن يهمس في أذن فتاة فيتبع جسدها مزماره، في أذن ضحية من ضحايا أشرف فيأخذ ما يريدونه منه، انكسر الأمريكي أخيراً…. تحطم، وقع على تسليم ما جمعه من مال طيلة سنوات، كان أمراً حاسماً أن يفعل ذلك…رأى الجنون يقترب منه، وعده أن يجد حلاً له ليخرج من البلاد، قال له : لن أكون كتاجر التوتة… سأساعدك، تقهقر فؤاد داوود وتحطم أمله في الحياة، كل ذلك كان خدعة…أضحوكة يجب أن تموت من الضحك بعد سماعك لها، أن تكتشف من قصة، من عشرين يوماً أنك لست إلا برنامج غريب زرع في حاسوب غير مناسب يعمل في أرضٍ ليست له، أن تكتشف أنك منذ البدء ملعون بالموت هنا.. أن تتلبد تربة الأرض جسدك وحلمك، أن ذاك الحلم عليك أن  تتخلى عنه، أن تفقده وتودعه وأن تتركه تحتضنه وعود المصري الذي اطلع على الحقيقة، حدثه عن ألف ليلة وليلة، عن الجمال الذي تذوقه فيها…أغواه، إن فرعون قد غوى…وإنه قد طغى.

” باهي يا سيدي الكاتب أنت…انت قولي شن قصتك، قولي تراه شن صار فيك بالزبط… علاش كذبت وقلت إنّ حميد مثلاً لقيت قصته في وثائق عطاهالك صديق من مصراتة، علاش عيشتهم في الجو الثوري أيام الثورة رابخة،  آه علاش الجو الرومنسي متاع مشهدان…الجو القروي الطفولي متاع تاجوريا…معقولة تاخذ قصص حناي وتحولها لقصص تاجورية، وراك قصة، وراك شي نبي نعرفه ها ها ها نبي نعرف شن نبي منك بالزبط مش هكي اتفقنا؟ ها ها ها اهو حتى تافل عليها ها ها ها هيا باش نحكيلك شن صار مع فرعون بعد الألف ليلة وليلة، كيف كانت المدام حياة، كيف كانت ميسون…وكيف كان عبد السلام الرائد عرفته والاه؟ صاحب احميد ها ها ها….باش تسمع مني ما تبقى…هيا يا سيدي الكاتب، هيا دعني أسمع عن محمد النّعاس التاجوري الذي دخل لحي التوت يبحث عن قصص سمعها عن تاجر التوتة الشهير ها ها ها ها!”.

1 Comment

  1. سيدي الكاتب . . تحية طيبة . . وبعد :
    هذه السلسلة وإلى غاية هذا الجزء الأول من قصة الفرعون نجيب ، تجعلني أقول أن حي التوت والذي هو مسرح أحداثها إلى الأن ، هذا الحي يختزل ثقافة شعب كامل ربما من ألاف السنين لم تتغير منذ أيام الليبو كما جاء في السرد أعلاه ، هنا وفي هذه القصة تظهر علاقة الليبي بالغريب عن أرضه والنظرة الإستعلائية ، يبدو أنك يا سيدي الكاتب تسير بخطىً ثابتة لتجمعنا جميعاً في مخيلتك ، لنراك في آخرِ حي التوت ممسكاً مرآةً كبيرةً جداً ، كبيرةً بيحثُ يرى كلٌ منا نفسه فيها ، هذا فيما التاجر بليحةِ الجدي والسن الصفراء خلفك يضّحك .

    Liked by 1 person

Leave a Comment

Fill in your details below or click an icon to log in:

WordPress.com Logo

You are commenting using your WordPress.com account. Log Out /  Change )

Facebook photo

You are commenting using your Facebook account. Log Out /  Change )

Connecting to %s