سلاش الليبي؟ لا!
محمد القاضي- الجادج
يسمي نفسه ” الجادج – JUDGE”،يمكنك أن تدعوه ” محمد” أو ” القاضي” تناديه غير عارف به ” يا قاضي”، لكنه يفضل أن يكونالجادج كما هو بعيداً عن الأسماء والألقاب والمسميات التي يمكن أن تلصقها به، إنّه فقط: الجادج، يمكنك أن تنطقها ” دجدج” ضاغطاً على الجِي كأنك عندما تسمع موسيقاه تدرك أنه جاء قاضياً على محكمة الفن والثقافة الليبية.
إنّ البعض قد يخطئ عندما يسمع العازف الليبي خرّيج معهد الحاسوب بطرابلس صاحب الثمانِي وعشرين عاماً – ثمانٍ وعشرين لازال يصر أنها لا تلائمه، فهو كما يرى توقف نموه عند السادسة عشر- محمد القاضي يكاد أن يجعل Electric Guitar خاصته بُنيّة اللون بكافر أبيض يحوم حول أوثارها التي صنعها بنفسه ، يكاد يجعلها تبكِي من الموسيقى التي يخرجها منها، قد يخطئون أنّه أسطورة الروك آن رول الأمريكية ( سلاش Slash) عازف GNR الذي أتعب روح القيثارة عزفاً وجنوناً ملهفاً إياها بالقبل الموسيقية جاء ليعزف أمامهم على الأراضي الليبية، لكنه كما قلتُ هو (الجادج) لا غير، عليك دائماً أن تعامله أنّه الجادج…لا تخطئ أبداً، لأنه فعلاً ورغم عشقه لسلاش فهو ليس سلاش آخر، ليس ناسخ لفن غيره، بل هو مطور ومجدد وصاحب بصمة خاصة به.
لماذا، إذاً…قد تقول: لماذا هذا (الجادج) لا يعترف إلا بأنّه (الجادج) ؟
أولاً عليك أن تزور قنوات الجادج على ( soundcloud) و) youtube) من هنا:
سأخبرك ببساطة… لأنّه صاحب أغنيّة تقتل روحك قتلاً من الإبتهاج والصوفية تُدعى BLOCK، هذه الصخرة أو البلوك في رأس أي فنان تجعله يتوقف مندهشاً على عدم قدرته من إنجازها، لأنّ لكل فنان أو كاتب Block ترافقه قد تجعله ينهي حياته فقط لأنه لم ينجزها…فإنّ الجادج قد استطاع وبسهولة أن يخترقها تسمعه يغني الأغنية التي قد لحنها وعزفها….وهو من هو، الفتى صاحب الست عشر ربيعاً كما يحبك أن تعرف لم يكن دارساً أكاديمياً للموسيقى، أقول أكاديمياً لأنه قد تفرغ لدراسة شغفه لوحده، اسمع فقط الأغنية عن طريق منصة soundcloud وستعلم جيداً… لماذا عليك أن تناديه بالجادج.
ديمو لأغنية بلوك- الجادج
Judge – Love Dies (Acoustic version)
لستُ ناقداً فنياً، لم أكن أبداً ناقداً لأي شيء…لكن أدّعي أنّ أذاي يمكنهما أن تلتقطا الموسيقى الجيدة من غير الجيدة، الفن الآخاذ من الفن العادي، العبقرية و( الآه حسناً، يمكنه أن يعزف…هذا جيد!!)، إنّ الموسيقى هي مسألة حياة أو موت بالنسبة لي؛ الموسيقى الرائعة هي مسألة عشق وهيام…
ولأن الموسيقى الرائعة هي مسألة عشق وهيام بالنسبة لي، فإنّ مسألة عشق للفنان والانصات له جيداً هي مسألة إهتمام وتركيز… إنّك عندما تسمع الجادج يغنّي بلوك – وهو يعزفها- يمكنك أن تشعر بأنّك أمام فنان له بصمته الخاصة …كيف ولا، فهو يستخدم القدّاحة كسلايد slide ويعزف بها أوتاره ليغير من نغمة القيثار، كيف ولا…وهو يضع فيها شيء من ذاته المتشبعة بعشقه لموسيقى الروك آن رول التي كرّس لها أكثر من 12 عاماً يتعلمها لوحده داخل غرفته، إنّه ابن المدينة الضائع في حيرتها من وجوده….فبلوك حائرة منذ بدايتها، إنّه طائر البسيسي يحلق بعد ذلك غير عابئ بأحد حراً…..فبلوك تغني من أجل حرية روحه الفنية، إنّها صفقة اتفاق بينه وبين قيثارته لجعله متميزاً بحق.
الجادج لا يتوقف عن عزف الروك آن رول، إن له وصلات وشطحات في أغلب الفنون، لكن من أجمل وصلاته ما قد يصلك عند عزفه لموسيقى الجيبسي Gypsy الأوروبية كهذه الجام على Soundcloud.
ورغم أنّ الجادج لا يعترف كثيراً بقدرة صوته على أن يكون مذهلاً، لكن بمجرد سماعك له يغني بلوك أو غيرها من الأغاني الكوفر أو الأصلية له فإنّك ستدرك أنّ رأيه بصوته لا يُعتد به كثيراً.
Lost- Judge
إن ما ينشره الجادج على الانترنت هو للمرح فقط، لقد كان لي الشرف أن أصنت لمعزوفات حصرية له عبارة عن تحفة فنية… ولكن على الانترنت He is just goofing around
هذا ويستمر الجادج في إذهالك عندما تستمع لباقي موسيقاه الموجودة عل Soundcloud أو Youtube وهي نادرة، الجادج العازف الأول لفرقة Red Sky -المكونة منه ومن الفنان صابر فحيمة عازف البيز، وأصيل النمرود الدراميستا المتميز –يعمل بجد على التطوير من نفسه واختراع ألحان جديدة ويعمل على تقوية علاقته بشغفه في الحياة ( الموسيقى) يومياً ولا يكل من التمرين، إنّه يعرف أنّ له موهبة….وهذا ما يجعله يعرف أيضاً أنه عليها أن تكون زوجته، حبيبته وعشيقته التي يخون معها العالم كله فقط ليكون معها؛ متحدياً عن طريق ذلك كل الظروف القاهرة التي تمر بها البلاد والثقافة الليبية المحزنة في تجاهل الفنان والتي تضطره لأن يكون إما مطروداً من اعتبارها أو لاعقاً للأحذية وماشياً مع الموضة متذللاً لها ولمسئولي المجتمع فقط ليرضوا عليه وينثرون عليه الهبات والجوائز، متحدياً الحرب، الكدر، الكلل، الأجواء السلبية التي يدّعي العديدون أنها السبب في أنهم (متوقفون) حالياً على إنتاج أيْ شيء….ناكرين أنّ الإبداع يولد من رحمِ المعاناة، أو محرفين معانيها معتقدين أنّ إبداعهم سيأتي بعد أن تنتهي هذه الأجواء التي تنكر صفوهم، غير مدركين أنّ المعاناة لحظية….فإذا لم يكن الإبداع مرافقاً لها في الفترة الزمانية ذاتها فهو يولد مشوهاً ربما أو قبيحاً.
ولكن هل يعني ذلك أن يظل الجادج متحدياً لهذا الواقع الذي يلف العديدين؟ أن يظل متحدياً ثقافة التجاهل اتجاه المبدعين التي تفرضها الثقافة الليبية غير الموقنة بحقيقة أنها دفنت عظماءها قبل حتى أن يولدوا؟ هل يعني أن نقف مشاهدين لصراع فنان صاحب موهبة مع كل هالة الواقع الضخمة ؟ متألماً بعضنا من ذلك، متحسراً الآخر، داعياً له بأن يحقق نجاحه بعضنا، متاجهلاً إياه البعض، غير مدركٍ لما يصنعه من حياة للعالم الكثر منا؟ هل يعني ذلك أن نكتب ونعبر في صفحات التواصل الاجتماعي، الصحف وننادي دائماً: أين الرأفة بالفنان أيها العالم؟ الأديب يعاني التهميش! وغير ذلك من الخطابات الفضفاضة التي إما أن تنتهي في يد ربة منزل تمسح مرآتها أو كبوست يملأ اللايكات والدعاء بالفرج وإلقاء اللوم على المجتمع الذي يقتل المبدع غير مدرك أنه هو ذاته يفعل ذلك.
يمكن لنا أن نفعل الكثير من أجل المبدع….إننا في عصر لا يحتاج للكثير من التعقيد لنجعل المبدع يصل، إننا – وأحب أن أستغل كلاماً لحبيبتي ريما- نتابع المبدع ونعجب به ونعشق ما يفعله ولكن من بعيد، لا نقوم بأي رد فعل اتجاه ما يفعل، لا أحد يدعمهم تقول،…. الأمر الذي جعلني استخلص أنه لا وجود لحراك نقدِي فكيف يمكن أن نطالب بحراك أو دعم ولو معنوي له – بأن ننشر ما يفعله وننصح به غيرنا على أقل تقدير على حائط الفيسبوك خاصتنا، أو أن نعقب له عم يفعل جاعلين إياه يدرك أننا دائماً خلفه وننتظر منه المزيد، جاعلين إياه شاعراً بوجود أناس تهتم فعلاً بما يصنعه…أياً كانوا أولئك الناس- ، ربما بعضنا لا يملك القدرة على النقد الموضوعي للفنان فيأبى أن يشارك برأيه فيه، لكن الإنسان يملك روحاً يمكنها أن تلتمس الموسيقى التي حركت شيئاً داخله مهما كان ذلك الشيء جميلاً أو قبيحاً، يمكنه أن يستشعر حسب ذوقه رأيه الذي استنطبته مشاعره اتجاه الفن الذي أمامه ويعلن به كما يعلن برأيه في زحمة اليوم، طابور المصرف، المسلسل الأمريكي، الكتاب الروسي، يمكنه أن يشارك مشاعره على مواقع التواصل الاجتماعي أمام ذلك الفن.
Sweet Angel- Judge
إننا دائماً ما نتمنى أن يصل مبدعونا لما يريدون الوصول إليه، لكننا…لا نفعل أمام دفع إرادتهم للأمام أبداً، إنّ الأمر محزن حقاً أن تجد الفنان يصارع حتى تجاهل محبين فنه له، تخاذل المقدرين لما يخلقه داخلهم من مشاعر اتجاه معاناته الآنية التي يتحداها لينتج أكثر وأكثر…
إنني أدعو الجميع، من قرأ إلى هذا السطر من المقال أن يتحركوا، لا يجب أبداً أن نرى فنينا يعانون أكثر، فلنبادر ولو بجهود بسيطة لنشر ما يصنعه قبل أن نضطر متحسرين لسماعه عند فوات الأوان أو متكالبين وراء شهرته متفاخرين بأنه ” ليبي” كما فعلنا مع العديدين الذين للأسف كما قال عنهم الأديب إبراهيم الكوني ” النبي، غريب في وطنه” ، فإذا ما ظهر واشتهر نسبوه لهم وإذا ما مات وانتكس تناسوه، تجاهلوه أو تحسروا عليْه، إذا أحببت موسيقى الجادج ساعد في انتشاره بأقل الطرق، أنشر فنه لمن تعتقد أنه سيقدره، شارك فنه كما تشارك فنون الموسيقيين المفضلين لك، لا أطالب بذلك منك لأن الجادج ليبي….لا، عليك أن لا تفكر في ذلك أبداً، أطالب بذلك منك عندما فقط تعتقد أن الجادج فنان يستحق أن يتم تقديره، مساعدته في نشر أعماله، تمكينه من إظهار قدراته وفنه للعالم لا يهم في ذلك كونه ليبي أم لا.
إنّ أقل أشكال الدعم يمكنه أن يحدث فرقاً للفنان، شدّوا عليهم، ادفعوهم، لا تكونوا متخاذلين، انشروا أعمالهم في صفحات الفيسبوك، تويتر، في مسجلاتكم، في سياراتكم، في هواتفكم، في إيميلاتكم، اطرحوهم لأصدقائكم الليبيين وغير الليبيين، دعوهم ينصتون له، ادعوهم إذا أعجبهم فنه أن يقوموا بنشره، بادروا ولو لمرة واحدة من أجل أن يتمكن الفنان من أن يهنأ بفنه غير آبه بصراع الحياة، ببؤسِ المعدات، رغيف العيش وبذاءة المعاناة التي أخبرت أن الإبداع لا يولد إلا من رحمها، ففهمها من فهمها أنها قدرٌ على المبدع حتى يموت أو يخرج من قومه فيحتضنه الأجنبيون كأنه ابن لهم.
لا تجعلوا من بكاءيات الحياة أن ترهق أرواحكم، أن تجعلكم لا تكترثون حقيقةً ما إن نجح فنان يعيش بينكم إلا عندما ينجح لوحده، العديد من الفنانين المفضلين للعديدين الآن ( الموجة الحديثة من الفنانين) كانوا ينشرون أعمالهم في YOUTUBE حتى تمكنوا بدعم من معجبيهم أن يصلوا للعالمية وآذنكم، الكثير من الأمثلة يمكن للواحد منا فقط أن يبحث في Google عنهم وسيرى أعدادهم وكيف بدأوا وكيف كانوا، كل ذلك بفضل معجبيه الذين شاركوا موسيقاه المغمورة حتى وصلت موسيقاه في الأماكن المناسبة لها لتجعله مشهوراً، Shareعلى فيسبوك تنتقد فيه موسيقى الجادج أو tweet تدعو فيها الناس أن يستمعوا لما يسمعه إذا كان مستمتعاً به، تفضيل ما نشره حتى الآن على حاسباتكم الشخصية يساعد، سيجعله ينتج أكثر فأكثر.
هل سمعت بلوك؟ هل أعجبتك؟ بالطبع، وإلا لما وصلت إلى هذه السطور من المقالة! لكن شيئاً ما قد جذبك فيها ربما حاولت أن تتجاهله، هل تعرف ما هو؟ إن جودة الصوت غير ممتازة، هل تعلم لماذا؟ لأنّ الجادج قام بتسجيلها في غرفته التي لا وجود لمعدات احترافية فيها غير مكبّر الصوت، برأيك….كم ستكون أغنية كبلوك- الجادج أفضل من ما هي عليه إذا ما تمكن من تسجيلها في استديو احترافي بمعدات احترافية، مع محترفين مثله؟ إن مشاركتك لفنه…. قادرة على أن تكون سبباً في ذلك، بادر بذلك، قم برفع حملة لدعمه هو وغيره، سميها ” اسمعلي” إن شئت أو ” تلفتلي لدعم الفنانين” أو غير ذلك من الحملات التي نراها في كل مكان…..في صفحات التواصل الاجتماعي وفي الشوارع.
اكتبوا عن الفنانين أياً كانوا، تحدثوا عنهم، تحدثوا لهم، علقوا على ما يفعلونه، انتقدوا، شاركوا، إبدوا أراءكم فيهم، لا تكونوا بخلاء! تناولوا ما يفعلونه فيما بينكم يومياً كما تتناولون السياسة وأحوال البلاد، دعوا فنهم يرافقكم في حياتكم ليس مجرد طهقات أو حمية وطنية من أجل المبدع (الليبي) التي تتناثر بين الفينة والأخرى، دعوها وقفة جادة من أجل المبدع الإنسان الذي صادف له أن يولد ويعيش وينشر فنه بينكم. اهتفوا له…. لا تخشوا من ذلك، طالما فنه حقيقي، طالما ما يفعله يؤثر في روحكم، يضيف لمسةً على حياتكم، طالما يستطيع أن يجعلكم تتناسون بؤس الحياة عندما يصادف أن تسمعوا له، تقرأوا له، تتفرجون عنه، تتذوقون ما رسمه أو تحسون به عند عبور فنه عليكم.