لقد كانت الطبقة العاملة الاسبانية العمود الفقري للمقاومة ضد فرانكو، خصيصاً أعضاء اتحاد التجارة الحضرية. وعلى المدى الطويل – من المهم التذكر بأنه وعلى المدى الطويل فقط- فإنّ الطبقة العاملة تبقى العدو الأكثر جدية للفاشية، ذلك ببساطة؛ لأنّ الطبقة العاملة تكسب أكثر بإعادة تنظيم المجتمع بطريقة لائقة. وهي على عكس الطبقات أو التصنيفات الأخرى، لا يمكن أن تُرشى للأبد.
عندما يُقال هذا لا يُعنى به وضع الطبقة العاملة في صورة مثالية. في النضال الطويل الذي تبع الثورة الروسية، إنهم العمال اليدويون الذين تمت هزيمتهم، ومن المستحيل الشعور بأنها كانت خطأهم هم. مرة بعد أخرى، وفي دولة بعد أخرى، الحركات العمالية المنظمة تم سحقها بعنف غير قانوني ومفتوح، ورفاقهم في الخارج، المتصلون معهم في التضامن النظري، نظروا لمآساتهم ببساطة ولم يقوموا بأي شيء؛ وتحت هذا السبب السري لخيانات عديدة، تقبع حقيقةُ أنّه بين العمال البيض والملونين لا يوجد حتى تضامن كاذب. من سيصدق في وعي الطبقة العمالية العالمية بعد أحداث السنين العشر الماضية؟ بالنسبة للطبقة العمالية البريطانية فمذابح رفاقهم في فيينا، برلين، مدريد أو أي مكان آخر تبدو أقل أهمية أو إثارة من مباراة كرة القدم بالأمس. إلا أنّ هذا لا يغير حقيقة أنّ الطبقة العاملة ستستمر في النضال ضد الفاشية بعدما تركها الآخرون. يمكن ضرب المثل بالاحتلال النازي لفرنسا الذي كان أعظم الانشقاقات بين الطبقة المثقفة، بما في ذلك بعض المثقفين اليساريين. المثقفون هم الناس أصحاب الصرخات الأعلى ضد الفاشية، إلا أن جزء كبير منهم سيلوذ بالانهزامية حالما يتم قرصهم. لديهم بعد نظر ملائم ليروا أنّ الظروف ضدهم، وعدا ذلك يمكن أن يتقبلوا الرشوة – والدليل على ذلك أن النازيون يعتقدون بأنّه من المهم أن يرشوا المثقفين-. الأمر مع الطبقة العاملة هو عكس ذلك، إذ أنهم جاهلون كفاية ليروا من وراء الخدعة التي يتم لعبها عليهم، إنهم وبسهولة يبلعون الوعود الفاشية، إلا أنّهم عاجلاً أم آجلاً سيستصفيقون ليستمروا في نضالهم مجدداً. يجب عليهم فعل ذلك؛ لأنهم يكتشفون في أجسادهم دائماً أن وعود الفاشية لا يمكن إيفاؤها. لتنتصر ضد الطبقة العاملة للأبد، على الفاشيين أن يرفعوا من مستوى المعيشة الذي لا يمكنهم أو لا يريدون إنجازه. إنّ نضال الطبقة العاملة كنمو النبتة، النبتة عمياء وغبية، ولكنها تعرف كفاية لتقوم بالنمو عالياً اتجاه الضوء، وستقوم بذلك في وجه كل المعوقات التي لا تنتهي. ما الذي يناضل من أجله العمال؟ ببساطة، من أجل الحياة الجيدة التي يدركون يوماً بعد الآخر بأنها يمكن أن توجد. إن وعيهم بهذه المهمة يتدفق ويتأرجح صاعداً. في اسبانياً، ولفترة من الزمن، كان الناس يتحركون بوعي اتجاه هدف يرغبون بالوصول إليه، هدف يؤمنون أنهم سيصلونه. لقد استأثرت بالإحساس الطافي في الحياة التي تمتعت بها اسبانيا الحكومية في الشهور الأولى للحرب. العامة عرفوا في عظامهم أن الجمهورية صديقتهم وفرانكو عدوهم، لقد عرفوا أنهم على حق؛ لأنهم كانوا يحاربون من أجل شيء كان العالم يدين لهم بشيء وكان قادراً على إعطائهم إياه.
عليك أن تتذكر أن ترى الحرب الاسبانية من منظورها الحقيقي. عندما تفكر في قسوة، قذارة وعبث الحرب – وفي هذه الحالة بالذات: المؤامرات، المحاكمات والكذبات وسوء التفاهم- هناك دائماً الإغراء لتقول: ” أحد الأطراف سيء كالآخر تماماً، أنا حيادي”. ولكن فعلياً، لا يمكن لا أحد أن يكون حيادياً، ومن الصعوبة وجود إيمان بأنه وفي الحرب لا فرق في من ينتصر. عادة، عندما يقف أحدنا كيفما ما اتفق مع التقدم، ستنقص ردة فعله اتجاه الجانب الآخر. الكراهية التي أشعلت فتيلها الجمهورية الاسبانية في أصحاب الملايين، الديوقات، الكاردينالات، المنغمسون في الملذات والسذج، والذين لا يمكن لهم في أنفسهم أن يظهروا كيف ستصبح الأرض. في جوهرها، كانت حرب طبقات. إذا رُبِحت، فإن قضية العامة جميعاً في كل مكان سيتم دعمها. لكنها كانت حرباً خاسرة، والمروجون للانقسامات في العالم أجمع نفضوا أيديهم. لقد كانت هذه الإشكالية: غير ذلك لم يكن سوى رغوة على سطحها.